الجميع وكذلك كون الثوابت في الثامن ادعوا علمه بأنها لا تكسف شيئا بل قد يكسفها غيرها وأما أفلاكها فاستدلوا عليها بالحركات.
والعلم بقدر حركاتها وبكسوف بعضها لبعض ونحو ذلك مداره على الإرصاد وغايته أن بعض الناس رأى هذا فأخبر به غيره وليس هذا خبرا متواترا بل غالبه خبر واحد ثم أن الأرصاد يقع فيها من الغلط ما هو معروف ولهذا اختلفت أرصاد المتقدمين والمتأخرين في حركة الثوابت هل تقطع درجة فلكية في كل مائة سنة أو في ستة وستين وثلثي سنه كما زعمه أهل الرصد المأموني ولما اخبرهم أهل الهيئة بحركة الفك استدلوا بذلك على أن لها نفسا تحركه بالإرادة لأن حركته دورية ليست طبيعية واستدلوا على عدد النفوس التسعة بالأفلاك التسعة وعلى العقول العشرة بالأفلاك التسعة مع العقل العاشرة الذي هو أول صادر عن واجب الوجود وجعلوا الفلك يتحرك للتشبه بالعلة الأولى ليخرج ما فيه من الايون والأوضاع وغاية الفلسفة عندهم التشبه بالعلة الأولى بحسب الإمكان فهذا هو العلم الإلهي الذي هو الفلسفة الأولى والحكمة العليا وفيه من المقدمات الضعيفة ما ليس هذا موضع بسطه.
وإنما المقصود أن مبناه على قضايا يخبر بها بعض الناس عن قضايا حدسية فإذا قالوا أن هذه لا يقوم فيها برهان على المنازع والقضايا الطبيعية مبناها على ما ينقله بعض الناس من التجارب فإذا لم يكن في هذا ولا هذا برهان لم يكن عند القوم برهان على ما يختصون به وأما ما يشتركون فيه هم وسائر الناس فهذا ليس مضافا إليهم ولا هو من علمهم فأين البرهان على العلوم الفلسفية مع العلم بأن العاديات التي هي عامة علومهم الكلية منتقضة كما بيناه في غير هذا الموضع فنحن نعلم أنه ليس معهم في عامة ما يدعونه برهانيا برهان يقيني ولكن مع هذا نذكر بعض تناقضهم.