وكذلك المعينات وذلك أن علمه بأن هذه البغلة لا تحمل كعلمه بأن هذه لا تحمل وبأن هذه لا تحمل فلا يجب أن يعلم أن هذا المعين مثل هذا المعين بل قد يعلم احد المعينين ولا يعلم الآخر ولا يجب أن يكون علمه بالمعينات قبل علمه بالقضية العامة ولا أن يكون بالمعينات أعلم ولا يجب أن يكون بالقضية العامة الكلية التي يستفيد بها العلم بحكم الققضايا المعينة اعلم منه بوصف القضايا المعينة أي لا يجب أن يكون علمه بأن كل بغلة لا تحمل أقوى ولا يجب أن يكون العلم العام الذي يفيده علم المعينات في نفسه أسبق من علم معين علم به أنها بغلة أي العلم بأن البغلة لا تحمل لا يجب أن يكون أقوى ولا أسبق في الذهن من العلم بأن هذه الدابة بغلة بل قد يجهل أنها بغلة كما قد يجهل أن البغلة لا تحمل فإذا قدر أنه يعلم أن البغلة لا تحمل ومستنده في ذلك ما اشتهر من خبر الناس فذلك يتناول المعين كتناوله لما هو اعم منه مثل تناوله للبغلات الحمراء والسوداء ولما تكون أمه أتانا فلو خطر له أن ما تكون أمه أتانا وأبوه حصانا يحمل قيل له أما تعلم أن هذا البغلة وان البغلة لا تحمل.
وان كان مستنده في أن البغلة لا تحمل هو تجربته فالتجربة لا تكون عامة وإنما جرب ذلك في بغلات معينة فما به يعلم مساواة سائر البغلات لها يعلم مساواة هذه البغلة لها.
واعتبر هذا بنظائره يتبين لك أنه يمكن الاستغناء عن القياس المنطقي بل يكون استعماله تطويلا وتكثيرا للفكر والنظر والكلام بلا فائدة وان الحاجة إلى المقدمات بحسب حال المستدل فقد يحتاج تارة إلى مقدمة وتارة إلى ثنتين وتارة إلى ثلاث وتارة إلى أكثر من ذلك وانه تارة يجهل كون المعين بغلة وإذا كان كذلك فمتى علم أن هذه بغلة علم أنها لا تحمل إذا كان قد حصل في نفسه علم عام يتناول جميع البغلات وإذا علم المعين وهو أنها بغلة ولم يعلم المطلق لم يحتج إلا إلى علم العام وهو أن البغلة لا تحمل واعتبر هذا بسائر الأمور تجده كذلك