القياس لا بد من موجبة كلية بل النتيجة الكلية لا تكون إلا عن موجبة كلية والسالبة الكلية لا تفيد حكما كليا إلا مع موجبه كلية.
بيان أصناف اليقينيات عندهم التي ليس فيها قضية كلية:
فإذا كان لا بد في كل قياس من قضية كلية فنقول المواد اليقينيات قد حصروها في الأصناف المعروفة عندهم.
أحدها: الحسيات ومعلوم أن الحس لا يدرك أمرا كليا عاما أصلا فليس في الحسيات المجردة قضية كلية عامة تصلح أن تكون مقدمة في البرهان اليقيني وإذا مثلوا ذلك ب أن النار تحرق ونحو ذلك لم يكن لهم علم بعموم هذه القضية وإنما معهم التجربة والعادة التي هي من جنس قياس التمثيل لما يعلمونه من الحكم الكلى لا فرق بينه وبين قياس الشمول وقياس التمثيل وإن علم ذلك بواسطة اشتمال النار على قوة محرقة فالعلم بأن كل نار لا بد فيها من هذه القوة هو أيضا حكم كلى.
وإن قيل أن الصورة النارية لا بد أن تشتمل على هذه القوة وأن ما لا قوة فيه ليس بنار فهذا الكلام إذا قيل أنه صحيح قيل أنه لا يفيد الجزم بأن كل ما فيه هذه القوة تحرق كل ما لاقاه وإن كان هو الغالب فهذا يشترك فيه قياس والتمثيل والشمول والعادة والاستقراء الناقص ومعلوم أن كل من قال أن كل نار تحرق كل ما لاقته فقد أخطأ فانه لا بد من كون المحل قابلا للإحراق إذ قد علم أنها لا تحرق كل شيء كما لا تحرق السمندل والياقوت وكما لا تحرق الأجسام المطلية بأمور مصبوغة وأما خرق العادة فمقام آخر.
ولا أعلم في القضايا الحسية كلية لا يمكن نقضها مع أن القضية الكلية ليست حسية وإنما القضية الحسية أن هذه النار تحرق فان الحس لا يدرك إلا شيئا خاصا وأما الحكم العقلي فيقولون أن النفس عند رؤيتها هذه المعينات تستعد لان