ونبين أن المواد اليقينية التي ذكروها لا يحصل بها علم بالأمور الموجودة فلا يحصل بها مقصود تزكو به النفوس.
بل ولا علم بالحقائق الموجودة في الخارج على ما هي عليه إلا من جنس ما يحصل ب قياس التمثيل فلا يمكن قط أن يحصل بالقياس الشمولى المنطقي الذي يسمونه البرهاني علم إلا وذلك يحصل ب قياس التمثيل الذي يستضعفونه فان ذلك القياس لا بد فيه من قضية كلية والعلم بكون الكلية كلية لا يمكن الجزم به إلا مع الجزم بتماثل أفراده في القدر المشترك وهذا يحصل ب قياس التمثيل.
وكلا القياسين ينتفع به إذا تلقت بعض مقدماته الكلية عن خبر المعصوم إذا استعملت في الإلهيات بطريق الأولى كما جاء به القران وأما بدون هذين فلا ينفع في الإلهيات ولا ينفع أيضا في الطبيعيات منفعة علمية برهانية وإنما يفيد قضايا عادية قد تنحرف فتكون من باب الأغلب.
وأما الرياضي المجرد عن المادة كالحساب والهندسة فهذا حق في نفسه لكن ليس له معلوم في الخارج وإنما هو تقدير عدد ومقدار في النفس لكن ذلك يطابق أي معدود ومقدر واقعه في الخارج والبرهان لا يقوم إلا على ما في النفس لا يقوم على ما في الخارج وأكثر ما تعبوا في الهندسة ليتوصلوا بذلك إلى علم الهيئة كصفة الأفلاك والكواكب ومقادير ذلك وحركاته وهذا بعضه معلوم ب البرهان وأكثره غير معلوم ب البرهان وبينهم فيه من الاختلاف ما يطول وصفه فصار المعلوم ببراهينهم من الرياضي وغيره أمر لا تزكو به النفوس ولا يعلم به الأمور الموجودة إلا كما يعلم ب قياس الثمثيل.
وهذا يظهر بالكلام في مادة القياس فنقول هم لا ريب عندهم أنه لا بد في كل قياس من قضية كلية ولا قياس في جميع الأشكال لا عن سالبتين ولا عن جزئيتين ولا عن صغرى سالبة مع كبرى جزئية لكن قد يكون عن صغرى جزئية مع كبرى سالبه كلية والمقصود أنه لا بد في القياس في جميع صورة من قضية كلية وفي أكثر