أنه جعله عاما لا خاصا حصل مطلوبه وهذا الحديث في صحيح مسلم ويروى بلفظين: "كل مسكر خمر"، "وكل مسكر حرام ".
ولم يقل: "كل مسكر خمر وكل خمر حرام" كالنظم اليوناني وإن كان روى في بعض طرق الحديث فليس بثابت فان النبي صلى الله عليه وسلم اجل قدرا في عمله وبيانه من أن يتكلم بمثل هذيانهم فانه أن قصد مجرد تعريف الحكم لم يحتج مع قوله إلى دليل وإن قصد بيان الدليل كما بين الله في القران عامة المطالب الإلهية التي تقرر الإيمان بالله ورسله واليوم الآخر فهو صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالحق وأحسنهم بيانا له.
فعلم أنه ليس جميع المطالب يحتاج إلى مقدمتين ولا يكفى في جميعها مقدمتان بل يذكر ما يحصل به البيان والدلالة سواء كان مقدمة أو مقدمتين أو أكثر وما قصد به هدى عاما كالقرآن الذي انزله الله بيانا للناس يذكر فيه من الأدلة ما ينتفع به الناس عامة.
وأما ما قد يعرض لبعضهم في بعض الأحوال من سفسطة تشككه في المعلومات فتلك من جنس المرض والوساوس وهذه إنما يمكن بيان أنواعها العامة وأما ما يختص به كل شخص فلا ضابط له حتى يذكر في كلام بل هذا يزول بأسباب تختص بصاحبه كدعائه لنفسه ومخاطبة شخص معين له بما يناسب حاله ونظرة هو فيما يخص حاله ونحو ذلك.
وأيضا فما يذكرونه من القياس لا يفيد إلا العلم بأمور كلية لا يفيد العلم بشئ معين من الموجودات ثم تلك الأمور الكلية يمكن العلم بكل واحد منها بما هو أيسر من قياسهم فلا تعلم كلية بقياسهم إلا والعلم بجزئياتها ممكن بدون