تعذيبا له بلا فائدة وقد لا يفهم هذا الكلام وقد يعرض له فيه إشكالات.
الدليل ما كان موصلا إلى المطلوب:
فكذلك الدليل والبرهان فان الدليل هو المرشد إلى المطلوب والموصل إلى المقصود وكل ما كان مستلزما لغيره فانه يمكن أن يستدل به عليه ولهذا قيل الدليل ما يكون النظر الصحيح فيه موصلا إلى علم أو ظن وبعض المتكلمين يخص لفظ الدليل بما يوصل إلى العلم ويسمى ما يوصل إلى الظن أمارة وهذا اصطلاح من اصطلح عليه من المعتزلة ومن تلقاه عنهم.
فالمقصود أن كل ما كان مستلزما لغيره بحيث يكون ملزوما له فانه يكون دليلا عليه وبرهانا له سواء كانا وجوديين أو عدميين أو أحدهما وجوديا والآخر عدميا فأبدا الدليل ملزوم للمدلول عليه والمدلول لازم للدليل.
ثم قد يكون الدليل مقدمة واحدة متى علمت علم المطلوب وقد يحتاج المستدل إلى مقدمتين وقد يحتاج إلى ثلاث مقدمات وأربع وخمس وأكثر ليس لذلك حد مقدر يتساوى فيه جميع الناس في جميع المطالب بل ذلك بحسب علم المستدل الطالب بأحوال المطلوب والدليل ولوازم ذلك وملزوماته.
فإذا قدر أنه قد عرف ما به يعلم المطلوب إلا مقدمة واحدة كان دليله الذي يحتاج إلى بيانه له تلك المقدمة كمن علم أن الخمر محرم وعلم أن النبيذ المتنازع فيه مسكر لكن لم يعلم أن كل مسكر هو خمر فهو لا يحتاج إلا إلى هذه المقدمة فإذا قيل ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل مسكر خمر " حصل مطلوبه ولم يحتج إلى أن يقال: "كل نبيذ مسكر" "وكل مسكر خمر" ولا أن يقال: "كل مسكر خمر" "وكل خمر حرام" فان هذا كله معلوم له لم يكن يخفى عليه إلا أن اسم الخمر هل هو مختص ببعض المسكرات كما ظنه طائفة من علماء المسلمين أو هو شامل لكل مسكر فإذا ثبت له عن صاحب الشرع