وأما قولهم إذا انحصرت الأقسام فمن الجائز أن يكون معللا بالمجموع أو بالبعض الذي لا تحقق له في الفرع فيقال هذا ممكن في بعض الصور كالمسائل الظنية من الفقه أو غيره إذا قيل خيار الأمة المعتقة تحت العبد كقصة بريرة أما أن يكون ثبت لكونها كانت تحت ناقص وأما أن يكون لكونها ملكت نفسها أمكن أن يقال وأما أن يكون لمجموع الأمرين.
لكن تعليله بما يختص الأصل سواء كان هو المجموع أو بعض منه إنما يمكن العلم بنفيه كما يمكن العلم بغيره من المنفيات كما إذا قيل: "الإنسان إنما كان حساسا متحركا بالإرادة لحيوانيته لا لإنسانيته والحيوانية مشتركة بينه وبين الفرس وسائر الحيوان فيكون حساسا متحركا بالإرادة" فلا يمكن أن يدعى في مثل هذه أن المختص بالإنسان هو علة كونه حساسا متحركا بالإرادة بل العلة ليست إلا المشترك بينه وبين الحيوان.
وكذلك إذا قيل القديم لا يجوز عدمه لأن قدمه أما بنفسه أو بموجب يجب قدمه بنفسه وما كان قديما بنفسه كان موجودا بنفسه بالضرورة فان القدم أخص من الوجود فيلزم من ثبوته ثبوت الوجود فإذا قديما بنفسه فهو موجود بنفسه بالضرورة وما كان موجودا بنفسه فهو واجب بنفسه وإلا لافتقر إلى فاعل فالقديم أما واجب بنفسه وأما لازم للواجب بنفسه وكلاهما ممتنع العدم لأنه يستلزم عدم الواجب بنفسه ولو عدم لكان قابلا للعدم فلا يكون واجبا بنفسه ولهذا اتفق العقلاء على هذا وهو أن القديم أما موجود واجب بنفسه وأما لازم لما هو كذلك