والأوسط للثالث ثبت أن الأول مستلزم للثالث فان ملزوم الملزوم ملزوم ولازم اللازم لازم فالحكم لازم من لوازم الدليل لكن لم يعرف لزومه إياه إلا بوسط بينهما والوسط ما يقرن بقولك لأنه.

وهذا مما ذكره المنطقيون ابن سينا وغيره ذكروا الصفات اللازمة للموصوف وان منها ما يكون بين اللزوم وردوا بذلك على من فرق من أصحابهم بين الذاتي واللازم للماهية بأن اللازم ما افتقر إلى وسط بخلاف الذاتي فقالوا له كثير من الصفات اللازمة لا يفتقر إلى وسط وهي البينة اللزوم والوسط عند هؤلاء هو الدليل.

وأما ما ظنه بعض الناس أن الوسط هو ما يكون متوسطا في نفس الأمر بين اللازم القريب واللازم البعيد فهذا خطا ومع هذا يتبين حصول المراد على التقديرين فنقول.

إذا كانت اللوازم منها ما لزومه للملزوم بين بنفسه لا يحتاج إلى دليل يتوسط بينهما فهذا نفس تصوره وتصور الملزوم يكفي في العلم بثبوته له وإذا كان بينهما وسط فذاك الوسط إذا كان لزومه للملزوم الأول ولزوم الثاني له بينا لم يفتقر إلى وسط ثان.

وان كان احد الملزومين غير بين بنفسه احتاج إلى وسط وان لم يكن واحد منهما بينا احتاج إلى وسطين وهذا الوسط هو حد تكفي فيه مقدمة واحدة.

فإذا طلب الدليل على تحريم النبيذ المسكر فقيل لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل مسكر خمر أو كل مسكر حرام" فهذا الوسط وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يفتقر عند المؤمن لزوم تحريم المسكر له إلى وسط ولا يفتقر لزوم تحريم النبيذ المتنازع فيه لتحريم المسكر إلى وسط فان كل احد يعلم أنه إذا حرم كل مسكر حرم النبيذ المسكر المتنازع فيه وكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015