طلب منه الدليل على تحريم شراب خاص حين قال هذا حرام فقيل له لم قال لأنه نبيذ مسكر فهذه المقدمة كافية أن كان المستمع ممن يعلم أن كل مسكر حرام إذا سلم له تلك المقدمة.

وان منعه إياها وقال لا نسلم أن هذا مسكر احتاج إلى بيانها بخبر من يوثق بخبره أو بالتجربة في نظيرها وهذا قياس تمثيل وهو مفيد لليقين فان الشراب الكثير إذا جرب بعضه وعلم أنه مسكر علم أن الباقي منه مسكر لأن حكم بعضه مثل بعض وكذلك سائر القضايا التجربية كالعلم بأن الخبز يشبع والماء يروي وأمثال ذلك إنما مبناها على قياس التمثيل بل وكذلك سائر الحسيات التي علم أنها كلية إنما هو بواسطة قياس التمثيل.

وان كان ممن ينازعه في أن النبيذ المسكر حرام احتاج إلى مقدمتين إلى إثبات أن هذا مسكر والى أن كل مسكر خمر فيثبت الثانية بأدلة متعددة كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر خمر" و"كل شراب اسكر فهو حرام " وبأنه سئل عن شراب يصنع من العسل يقال له البتع وشراب يصنع من الذرة يقال له المزر وكان قد أوتي جوامع الكلم فقال: " كل مسكر حرام" وهذه الأحاديث في الصحيح وهي وأضعافها معروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على أنه حرام كل شراب اسكر.

فان قال أنا اعلم أنه خمر لكن لا اسلم أن الخمر حرام أو لا اسلم أنه حرام مطلقا اثبت هذه المقدمة الثالثة وهلم جرا.

مزيد البيان أن المقدمة الواحدة قد تكفي:

ومما يبين لك أن المقدمة الواحدة قد تكفي في حصول المطلوب أن الدليل هو ما يستلزم الحكم المدلول عليه كما تقدم بيانه ولما كان الحد الأول مستلزما للأوسط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015