2 - طالب العلم المميِّز القادر على الترجيح عليه أن يعمل بما ظهر له دليله من أقوال العلماء.

3 - العامّيّ المقلد العاجز عن معرفة الراجح بنفسه عليه أن يستفتي الأوثق الأعلم من أهل العلم عنده ويسأله عن الراجح، فيعمل به في نفسه، ويجوز نقله لغيره من غير إلزام لهم به، ومن غير إنكار على من خالفه بأي من درجات الإنكار، أما ما يفعله يفعله كثير من أهل زماننا في مسائل الخلاف السائغ وغير السائغ، يأخذ ما يشتهي، بل يفعله كثير من المنتسبين إلى العلم، ويفتي البعض بجواز التلفيق بين المذاهب، لا بحسب الأدلة والاجتهاد، بل بمجرد موافقته ما يظنونه مصلحة أو تيسيراً على الناس (?)، أو أن الرسول لم يُخَيَّر بين أمْرَيْن إلا اختار أيسرهما، فهذا من الجهل العظيم المخالف للإجماع القديم كما نقله أبو عمر بن عبد البر، فإن اختيار الأيسر هو في الأمور الاختيارية، أما ما كان فيه إثم وحلال وحرام وواجب ومندوب فلابد من الترجيح والاجتهاد على حسب درجة كل واحد كما سبق بيانه، وهذا في مسائل الخلاف السائغ، فما بالك بالخلاف غير السائغ.

قال الإمام ابن قدامة - رحمه الله -: «قال بعض أهل العلم: هذا المذهب ـ يعني أن الاجتهاد لا ينقسم إلى خطأ وصواب ـ أولُه سفسطة وآخرُه زندقة؛ لأنه في الابتداء يجعل الشيء ونقيضه حقاً، وبالآخرة يُخَيِّر المجتهدين بين النقيضين عند تعارض الدليلين، ويختار من المذاهب أطيبها» (?).

قال الإمام أبو عمر بن عبد البر: «الاختلاف ليس بحجة عند أحد علِمْتُه من فقهاء الأمة إلا مَنْ لا بصرَ له ولا معرفة عنده ولا حجة في قوله. قال المزني: يقال لمن جوّز الاختلاف وزعم أن العالمِيْن إذا اجتهدا في الحادثة، فقال أحدهما: حلال، وقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015