والمولد, وقد دعاهم الغلو في هاتين البدعتين إلى التعصب لهما والدفاع عنهما بالشبه الملفقة والجدال بالباطل.
الوجه الثاني: أن يقال كل ما خالف الكتاب والسنة فهو من المنكرات بالإجماع قال الله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} ولا يخفى على طالب العلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر ببدعتي المأتم والمولد ولم يفعلهما ولم يقر أحداً على فعلهما, ولا يخفى أيضاً أنهما إنما أحدثتا بعد زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمدة طويلة, وكل أمر ليس عليه أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو مردود على صاحبه كائناً من كان, وفاعله متعرض للوعيد الشديد المذكور في الآية الكريمة من سورة النور.
الوجه الثالث: أن يقال إن البلبلة وتشويش الأذهان وإعطاء الفكرة السيئة عن الإسلام هي في الحقيقة واقعة من المصرِّين على فعل الأمور المبتدعة المخالفة لكتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم, وهؤلاء المخالفون للكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم لم يكتفوا بالإصرار على فعل البدع بل ضموا إلى ذلك الدفاع عنها بالشبه والأباطيل والحجج الداحضة, وهذا عين المشاقة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - واتباع غير سبيل المؤمنين. وقد قال الله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً}.
فأما خطباء المساجد الذين ينهون الناس عن البدع التي قد دل الكتاب والسنة على المنع منها ويأمرون الناس بلزوم الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم فهؤلاء قد أحسنوا غاية الإحسان