وفي الآية الكريمة تهديد شديد ووعيد أكيد لمن خالف الأمر الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وسواء كان ذلك بزيادة على الأمر المشروع أو بنقص منه, ومن هذا الباب ما أحدثه الجهال من إقامة الولائم في المآتم واتخاذ ليلة المولد النبوي عيداً, فكل من هاتين البدعتين داخل فيما حذّر الله منه في الآية الكريمة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعلها ولم يأمر بهما ولم يأذن فيهما ولم يقر أحداً على فعلهما فكانتا من قبيل ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برده حيث يقول: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وفي رواية «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».
وفي الآية الكريمة أبلغ رد على صاحب المقال الباطل وعلى غيره من المخالفين للأمر الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
البرهان الرابع: أن الله تعالى أمر عباده بالإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في آيات كثيرة من القرآن وحثهم على اتباعه فقال تعالى في سورة آل عمران: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} وقال تعالى في سورة الأعراف {فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون, قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون}. فأما الآية من سورة آل عمران فقد علق الله تبارك وتعالى فيها محبته للعباد ومغفرته لذنوبهم على اتباع رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - وذلك لا يحصل إلا بالتمسك بسنته واجتناب ما نهى عنه وترك ما أحدثه المبتدعون من بعده, وأما الآية الأولى من سورة الأعراف فقد علق تبارك وتعالى فيها الفلاح - وهو الفوز بالجنة -