«أما هذا فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -» وقد رواه الإمام أحمد وأهل السنن بنحوه وقال الترمذي حديث حسن صحيح, وزاد أحمد في رواية له من طريق شريك عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي» قال الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على جامع الترمذي: في رواية شريك التي روى أحمد فائدة جليلة وهي التصريح برفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن قول الصحابي, من فعل كذا فقد عصى الرسول ونحو ذلك مما اختلف في أنه مرفوع أو موقوف والصحيح الراجح أنه مرفوع انتهى. وقد ترجم النسائي على هذا الحديث بقوله: «التشديد في الخروج من المسجد بعد الأذان» قال الترمذي وفي الباب عن عثمان, قلت حديث عثمان رضي الله عنه قد رواه ابن ماجه في سننه بإسناد ضعيف ولفظه, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أدركه الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة وهو لا يريد الرجعة فهو منافق» وروى مالك في الموطأ أنه بلغه أن سعيد بن المسيب قال: «يقال لا يخرج أحد من المسجد بعد النداء إلا أحد يريد الرجوع إليه إلا منافق».
قال ابن عبد البر هذا لا يقال مثله من جهة الرأي ولا يكون إلا توقيفاً وقد صح مرفوعاً عن أبي هريرة برجال الصحيح, وروى الدارمي في سننه عن أبي المغيرة حدثنا الأوزاعي حدثنا عبد الرحمن بن حرملة قال: جاء رجل إلى سعيد بن المسيب يودعه بحج أو عمرة فقال له: لا تبرح حتى تصلي فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يخرج بعد النداء من المسجد إلا منافق إلا رجل أخرجته حاجة وهو يريد الرجعة إلى المسجد» فقال: إن أصحابي بالحرة قال: فخرج قال: فلم يزل سعيد يولع بذكره حتى أخبر أنه وقع من راحلته فانكسرت فخذه. وهذا مرسل صحيح