لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشرع ذلك لأمته, ولأنه مخالف للسنة في بعث الطعام إلى أهل الميت. وما خالف السنة فهو مردود بنص حديث عائشة رضي الله عنها. وفي هذا النص أبلغ رد على ما لفقه صاحب المقال الباطل من التمويه والتلبيس على ضعفاء البصيرة.
الوجه الثاني: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أمته أن يأخذوا بسنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ونهاهم عن محدثات الأمور وحذرهم منها بأبلغ التحذير وأخبرهم أن كل محدثة بدعة وأن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وأن شر الأمور محدثاتها. وفي هذه النصوص أبلغ رد على من أباح بدعة الولائم في المآتم وعلى من أباح غيرها من المحدثات.
الوجه الثالث: أن يقال إن الصحابة رضي الله عنهم قد عدوا الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة. وهذا إجماع منهم على تحريم إقامة المآدب في المآتم لأن النياحة من أمر الجاهلية وهي حرام وملعون فاعلها, وإجماع الصحابة رضي الله عنهم حجة على كل مبطل. ومن خالف إجماعهم فقد تعرض للوعيد الشديد الذي ذكره الله في قوله: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً}. وقد وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفرقة الناجية من أمته بأنهم من كان على مثل ما كان عليه هو وأصحابه. وقد كان هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإجماع أصحابه على خلاف ما يفعله أهل البدع من إقامة الولائم في المآتم:
وكل خير في اتباع من سَلَف ... وكل شيء في ابتداع من خَلَف
الوجه الرابع: أن يقال إنه لا يتم الإيمان لأحد حتى يحقق الشهادة