عليه وسلم - من النهي عنها والأمر بردها إلا من كان في قلبه مرض من أمراض الشبهات والفتن. فهؤلاء هم الذي يغتاظون من سماع النهي عن المحدثات التي قد نشأوا على اعتيادها ووجدوا آباءهم وأشياخهم عليها. وهم الذين يصدون ويعرضون عن قبول الحق ولا يصدقون بتحريم البدع ولا يعبأون بالأحاديث الواردة في التحذير منها والأمر بردها. وينبغي لهؤلاء أن يتدبروا قول الله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً}.
الوجه السابع: أن يقال إنه ليس أحد من الخطباء الذين أشار إليهم الكاتب في كلامه الباطل يقول إن كل شيء حرام وإنما هذا من تمويه الكاتب وتلبيسه على الجهال ودندنته حول التشويه لسمعة الخطباء الذين يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويجاهدون أهل الباطل ويحذرون الناس مما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحذر أمته منه. فجزى الله الخطباء الناصحين خير الجزاء وأعظم لهم الأجر والثواب.
الوجه الثامن: أن يقال أن الخطباء الذين أشار إليهم الكاتب إنما كانوا يحرمون ما قامت الأدلة الشرعية على تحريمه, ومنه إقامة الولائم في المآتم لأن هذا العمل مخالف لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بصنعة الطعام لأهل البيت, ولأنه من النياحة في قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد أجمع الصحابة رضي الله عنه على عده من النياحة كما تقدم في حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه, والنياحة حرام وهي من أمور الجاهلية. وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» أي مردود. وقد ذكرت هذا الحديث