رضا: هذه الموالد بدعة بلا نزاع. وقال ابن الحاج إنه بدعة وإن خلا من المفاسد.
قلت وكثير من المفتونين ببدعة المولد يعترفون بأنها بدعة ولكنهم يقولون إنها بدعة حسنة, وليس على استحسانهم لها دليل لا من الكتاب ولا من السنة ولا من عمل الصحابة رضي الله عنهم, وإنما استحسنوها متابعة لأهوائهم وما وجدو عليه آباءهم وشيوخهم ومن يعظمونهم من أهل بلادهم وغير بلادهم.
ومن زعم أن الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المفاسد ومنكرات الأقوال والأفعال فليس ببدعة فلا يخلو من أحد أمرين, إما كثافة الجهل بما تدل عليه عمومات الأحاديث التي سيأتي ذكرها, وإما المكابرة والاستهانة بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» وقوله - صلى الله عليه وسلم - في خطبته يوم الجمعة: «إن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وفي رواية: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» وليست المخالفة لأقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقلة المبالاة بها من الأمور اليسيرة وإنما هي من الأمور الخطيرة لأن الله تعالى قد حذر من مخالفة أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتوعد على ذلك بالوعيد الشديد ونفى الإيمان عن فاعله فقال تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} وقال تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك