الاحتفال بالمولد النبوي وعلى المنع مما يخصه المفتونون به من الأعمال التي لم يأمر الله بها في تلك الليلة ولم يأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
الوجه الثالث: أن يقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يخصص ليلة مولده لاستماع الأشعار التي قيلت في مدحه وإنما كان الشعراء ينشدون أشعارهم بحضرته عند وقوع الفتوح والظفر بالأعداء والظهور عليهم. وكذلك كانوا ينشدون عند المناسبات التي تدعو إلى الإنشاد بحضرته - صلى الله عليه وسلم - كما فعل حسان بن ثابت رضي الله عنه حين قدم وفد بني تميم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنشد شاعرهم مفتخراً بمآثر قومه فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حسان بن ثابت رضي الله عنه أن يجيبه فأجابه حسان رضي الله عنه وأسكته. وكان إنشاد كعب بن زهير رضي الله عنه لقصيدته المشهورة حين قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبايعه على الإسلام. وعلى هذا فليس في إنشاد حسان رضي الله عنه وغيره من الشعراء عند المناسبات وسماع النبي - صلى الله عليه وسلم - لإنشادهم ما يتعلق به صاحب المقال الباطل في تأييد بدعة المولد. وكذلك إنشاد كعب بن زهير رضي الله عنه لقصيدته بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدومه عليه ومبايعته له على الإسلام ليس فيه ما يتعلق به الكاتب بوجه من الوجوه.
الوجه الرابع: أن يقال إذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنكر على من قال له ما شاء الله وشئت وقال: «أجعلتني لله عدلاً بل ما شاء الله وحده» فكيف لو سمع الذين يتغنون بقول صاحب البردة:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم