وأما قوله: وهل هذه الولائم أصبحت من الدين حتى تكون بدعة؟.
فجوابه من وجهين أحدهما: أن يقال: لو كانت ولائم المآتم من الدين لما كانت من البدع ولكنها ليست من الدين فكانت من البدع التي ورد التحذير منها والأمر بردها في الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - , وقد تقدم ذكرها قريباً فلتراجع.
الوجه الثاني: أن يقال: إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعدون الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة. وقد تقدم ذلك في قول عمر وجرير بن عبد الله رضي الله عنهما, والنياحة من أمر الجاهلية كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد ومسلم عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أربع في أمتي من أمر الجاهلة لا يتركونهن الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة» وإذا كانت الولائم في المآتم من أمر الجاهلية فلا يقول بجوازها ونفي البدعة عنها إلا أحد رجلين, إما جاهل لا يعرف الفرق بين أمور الإسلام وأمور الجاهلية, وإما معاند لا يبالي بمخالفة الأمر الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم, ولا يبالي برد الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التحذير من المحدثات والأمر بردها.
وأما قوله: وهل نجحنا في محاربة الرذائل والمفاسد في المجتمع الإسلامي وواجب علينا الكلام في هذه الأمور التي لا تمت إلى الدين أو العبادة من قريب أو بعيد.
فجوابه من وجوه أحدها: أن يقال: إن محاربة البدع أهم من محاربة الرذائل والمفاسد الخُلُقية لأن البدع أحب إلى إبليس من المعاصي.