والشبهات, وتشتمل أيضاً على الحث على بر الوالدين وصلة الرحم وعلى التآخي في الله تعالى والتعاون على البر والتقوى واجتناب التعاون على الإثم والعدوان, وتشتمل أيضاً على النهي عن المحرمات في المآكل والمشارب والملابس والفروج, إلى غير ذلك مما تشتمل عليه خطبهم من الحكم البليغة والوصايا النافعة فجزاهم الله عن أعمالهم الطيبة ونصائحهم النافعة خير الجزاء وكثّر في المسلمين من أمثالهم.
فأما وصف الكاتب لخطبهم ومواعظهم بالبرودة فهو من قلب الحقائق وعكس القضايا, وقد قيل في المثل المشهور: «لا تعدم الحسناء ذاماً» وقال الشاعر:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ... فالقوم أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها ... حسداً وبغياً إنه لدميم
الوجه السادس أن يقال: إن التذكير الذي ينتفع به المؤمنون يكون بطرق كثيرة, ومن أعظمها نفعاً تذكير الخطباء الناصحين في خطبهم في أيام الجمع والأعياد خاصة. وفي غير ذلك من المناسبات التي تدعو إلى الخطب والتذكير بالقرآن وبما هو ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الصحيحة. وهذه هي طريقة الخطباء في المسجد الحرام والمسجد النبوي وغيرهما من المساجد التي قد سمعتُ الخطب فيها, وهي طريقة موروثة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه كان يذكّر أصحابه في أيام الجمع والأعياد خاصة وفي غيرها من المناسبات, بل وفي كثير من مجالسه النافعة, يذكرهم بالقرآن وبما أوحاه الله إليه من الحكمة والموعظة الحسنة ويعلمهم ما ينفعهم في الدين والدنيا والآخرة ويحذرهم مما يضرهم في الدين والدنيا والآخرة, فلا خير إلا وقد دل أمته عليه