الإمام أحمد رحمه الله تعالى في الكلام على هذه الآية. أتدري ما الفتنة؟ , الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك ثم جعل يتلو هذه الآية: {فلا وربك لا يؤمن حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً}.
وإذا علم هذا فليعلم أيضاً أن محبة الله تعالى والتعرض لنفحاته إنما تنال بطاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وذلك بالعمل بما أمر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم - واجتناب ما نهى الله عنه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وتحقيق المتابعة للرسول - صلى الله عليه وسلم - وتحكيمه في كل ما تنازع الناس فيه والتمسك بسنته وتقديم هديه على هدي غيره وعلى أهواء النفوس وشهواتها.
وليس الاحتفال بالمولد النبوي من هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا من عمل أصحابه ولا من عمل التابعين لهم بإحسان, وإنما هو من هدي بعض الملوك وسننهم. وأول من أحدثه سلطان إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدين علي بن بكتكين, ذكر ذلك السيوطي في رسالته التي سماها «حسن المقصد, في عمل المولد» وكانت وفاة كوكبري في سنة ثلاثين وستمائة, وقال رشيد رضا إن أول من ابتدع الاجتماع لقراءة قصة المولد النبوي أحد ملوك الشراكسة بمصر.
والمقصود هنا التحذير من الاحتفال بالمولد النبوي لأنه من المحدثات التي حذر منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووصفها بالشر والضلالة وأمر بردها والتحذير أيضاً من الاغترار بمزاعم الكاتب وحججه الداحضة في الدفاع عن بدعة المولد والمجادلة عنها بالباطل.