من عين ماله لأهله وأصحابه وعياله لا يجاوزون في ذلك الاجتماع على أكل الطعام ولا يقترفون شيئاً من الآثام, وهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهة إذ لم يفعله أحد من متقدمي أهل الطاعة الذين هم فقهاء الإسلام وعلماء الأنام, والثاني: أن تدخله الجناية وتقوى به العناية حتى يعطي أحدهم الشيء ونفسه تتبعه, لا سيما إن انضاف إلى ذلك شيء من الغناء بآلات الباطل من الدفوف والشبابات واجتماع الرجال مع الشباب المرد والنساء الفاتنات, إما مختلطات بهم أو مشرفات والرقص بالتثني والانعطاف والاستغراق في اللهو ونسيان يوم المخاف, وكذلك النساء إذا اجتمعن على انفرادهن رافعات أصواتهن بالتطريب في الإنشاد والخروج في التلاوة والذكر عن المشروع والأمر المعتاد, وهذا لا يختلف في تحريمه اثنان انتهى المقصود من كلامه والأولى أن يقال في الحالة الأولى بالتحريم لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصف البدع بالشر والضلالة على وجه العموم وأخبر أنها في النار وحذر منها غاية التحذير وأمر بردها من غير تفريق بين بدعة وبدعة, وفي هذا أوضح دليل على تحريم البدع كلها سواء كان معها شيء آخر من المنكرات أو لم يكن. وإذا كان معها شيء آخر من المنكرات كان ذلك أشد لتحريمها وكان الزجر عنها آكد والمنع منها أوجب.
وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في جواب له في صفحة 298 من المجلد الخامس والعشرين من مجموع الفتاوى. وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد أو بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة أو أول جمعة من رجب أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها انتهى.