ولاة الأمر من بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو سنة, لا بدعة فيه البتة, وإن لم يعلم في كتاب الله ولا سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - نص عليه على الخصوص فقد جاء ما يدل عليه في الجملة وذلك نص حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه حيث قال فيه: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور» فقرن عليه السلام - كما ترى - سنة الخلفاء الراشدين بسنته وأن من اتباع سنته اتباع سننهم وأن المحدثات خلاف ذلك ليست منها في شيء لأنهم رضي الله عنهم فيما سنوه إما متبعون لسنة نبيهم عليه السلام نفسها. وإما متبعون لما فهموا من سنته - صلى الله عليه وسلم - في الجملة والتفصيل على وجه يخفى على غيرهم مثله, لا زائد على ذلك.
ومن الأصول المضمنة في أثر عمر بن عبد العزيز أن سنة ولاة الأمر وعملهم تفسير لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لقوله: «الأخذ بها تصديق لكتاب الله واستكمال لطاعة الله وقوة في دين الله» وهو أصل مقرر في غير هذا الموضع. فقد جمع كلام عمر بن عبد العزيز رحمه الله أصولاً حسنة وفوائد مهمة انتهى كلام الشاطبي رحمه الله تعالى.
الوجه الثالث: أن يقال إنما سمى عمر رضي الله عنه ما فعله من جمع الناس على إمام واحد في قيام رمضان بدعة من أجل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستمر على فعله ولأنه لم يكن يفعل في زمان أبي بكر رضي الله عنه فلهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيه ما قال، وقد صرح الشاطبي في كتاب «الاعتصام» أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما سمى قيام الناس في ليالي رمضان بدعة على المجاز.
وقال في موضع آخر من كتاب «الاعتصام» وأما قسم المندوب فليس من البدع