الدين, وقد قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في الكلام على حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه, قوله - صلى الله عليه وسلم -: «كل بدعة ضلالة» من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء وهو أصل عظيم من أصول الدين وهو شبيه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذاما ليس منه فهو رد» فكل من أحدث شيئاً ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة, والدين بريء منه, وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة انتهى.
الثاني: من النصوص قوله - صلى الله عليه وسلم - في خطبته: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة» رواه الإمام أحمد ومسلم وابن ماجه والدارمي من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما, وقد رواه النسائي بإسناد جيد ولفظه «إن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» ففي هذا الحديث النص على أن الأمور شر محدثاتها وأن كل محدثة بدعة وأن كل بدعة ضلالة وأن كل ضلالة في النار, وفي هذا النص أبلغ تحذير من البدع على وجه العموم, وفيه أيضاً أبلغ رد على صاحب المقال الباطل وعلى كل من زعم أن البدع ليست كلها سيئة وأن هناك بدعة حسنة حتى في الدين, وقد روى ابن ماجه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو حديث جابر رضي الله عنه, ورواه ابن وضاح وابن عبد البر وغيرهما موقوفاً على ابن مسعود رضي الله عنه, وعلى تقدير صحة وقفه فله حكم المرفوع لأنه لا يقال من قبل الرأي وإنما يقال عن توقيف, وحديث جابر يشهد له ويقويه.