الوجه الرابع: قوله: (كيف وقد أمرتنا أن نحسن إلى من أساء إلينا..) والرد عليه

غير ما فعل أو أن ذلك ممتنع لذاته فهذا خطأ وهو يُشبه قول الدهرية القائلين بالموجب بالذات.

وإن قيل إنه على كل شيء قدير ولو شاء لفعل غيرَ ما فعل ولو شاء أن يؤتي كلَّ نفسٍ هداها لفعل لكن فَعَل ما فَعَل لحكمة والمشروط بغيره يمتنع وجوده بدون شرطه فليس ممتنعًا لنفسه وإنما امتنع لغيره ومن فَعَل مراده ولوازم مراده لم يكن يترك ما ينافي مراده عاجزًا إذ الجمع بين النقيضين ممتنع لذاته وإنما العاجز من إذا أراد شيئًا لم يمكنه فعله والممتنع لذاته ليس شيئًا باتفاق العقلاء فهذا قول أكثر المسلمين.

وأما من لا يقول بحكمةٍ ولا تعليلٍ ولا جودَ عنده ولا رحمة إلا وجود المراد فهو لا يقول بهذا إذ هو يقول يجوز تخصيص أحد المُتَماثلَيْن دون الآخر لا لمخصص بل لمحض الإرادة فلا يتصور عنده بخل فهؤلاء يطعنون في كلام أبي حامد بناءً على هذا الأصل وهذه الأمور مبسوطة في غير هذا الموضع والمقصودُ هنا التنبيه على ما يناسب هذا الكلام.

الوجه الرابع قوله كيف وقد أمرتنا أن نُحْسِن إلى من أساء إلينا فأنت أولى بذلك منا.

فهذا أيضًا منكر ليس كل ما أمر الله به العباد يجوز أن يُطْلَب منه فضلاً عن أن يقال أنت أولى منا بفعل ما أمرتنا به أو أنت أولى بفعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015