وقوله: (إن كرمك مبذول بالسبق..) كلام مجمل مع ذكر ما يحتمله، والرد عليه

في عدم التسوية كثيرة وقد تقدم منها جملة مما فيه حُسْن حال أوليائه وقُبْح حال أعدائه فمن ظنَّ أنَّ مشيئةَ الله قد تقتضي التسوية بين هؤلاء وهؤلاء فهو مخالفٌ للكتاب والسنة وإجماع الأمة.

ولا ريبَ أن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وأنه على كل شيء قدير لكن من الأمور أمور يُعلم أنه لا يشاؤها فما سبق في علمه أنه يفعله وسَبَقت كلمتُه أنه يفعله وأخبر أنه يفعله وكتب في اللوح المحفوظ أنه يفعله فإنه لا بد أن يفعله وهو لا يشاء نقيضه وهذا متفق عليه بين المسلمين.

ثم جمهور المسلمين يقولون حكمته وعدله مستلزم أنه يشاء ذلك ولا يشاء نقيضه وتفضيل أهل طاعته على أهل معصيته من هذا الباب لأنه لا يكون منه إلا ذلك ولا يشاء نقيضه قط.

فقول القائل إن كرمك مبذول بالسبق لمن شئت من خلقك وإن عصاك وأعرض عنك كلامٌ مجمل فإنه إن أراد أنه قد يكون سبق له أنه يتوب وأنك تشاء توبته فهذا كلام صحيح وكذلك إن أراد أنك تغفر له بأسباب المغفرة كالحسنات الماحية والشفاعة المقبولة ونحو ذلك.

وإن أراد أنك تُكرم العُصاة مثل كرامة المطيعين أو أفضل منها مُطلقًا مع موت هذا على الطاعة وموت هذا على الكفر والفسوق والعصيان فهذا خطأ مخالفٌ للنصوص والإجماع بل ومخالف لحكمة الله وموجب كلماته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015