ولهذا كان السلف يقولون الإيمان قولٌ وعملٌ وموافقةٌ للسنة.
ولفظ بعضهم لا يُقْبل قولٌ إلا بعمل ولا قولٌ وعملٌ إلا بموافقة السنة.
وهذا موضعٌ اضطرب فيه كثير من متأخِّري أهل النظر والكلام وأهل الإرادة والعمل:
فزعم الأوَّلون أن طريقَ معرفة الله هو النظر والعلم فقط.
وزعم الآخرون أن طريقَ معرفة الله هو الزهد والعبادة فقط.
ثم إن كثيرًا من هؤلاء وهؤلاء أعرضوا عن ملازمة الكتاب والسنة فصار أولئك يسلكون طريقة البحث والنظر والتفكُّر في الكلام والفلسفة من غير اعتبارٍ لذلك بالكتاب والسنة وصار هؤلاء يسلكون طريقة العبادة والإرادة والزهد والذكر من غير اعتبارٍ لذلك بالكتاب والسنة.
وطائفة من هؤلاء أهل طريقة الذكر قد ينهون عن الفِكْر ويحرمونه كما ذكره ابنُ عربي في كتاب الخلوة وغيره وقد يأمرون بذكر الاسم المفرد مُظْهَرًا مُضْمَرًا فينتج ذلك لأحدهم اعتقادات فاسدة وخيالات غير مطابقة كما أصاب أصحابَ الوحدة.