قيل له نحن بالمشاهدة والضرورة نعلم أن من الموجودات ما يوجد بعد عدمه ويعدم بعد وجود كما نشاهده من أنواع الحيوانات والنباتات والمعادن والسحاب والمطر وغير ذلك مما يحدث بعد عدمه ويُعدم بعد وجوده.
والإنسان يعلم أنه كان بعد أن لم يكن ويعلم أن بدنه يستحيل وأمثال ذلك كثير وكلُّ من عُدِمَ مُدَّة فليس بواجب الوجود ولا قديم فإن واجب الوجود لا يقبل العدم بوجهٍ من الوجوه.
فقد عُلِمَ بالحسِّ وضرورة العقل أن الموجود ينقسم إلى واجب وإلى ممكن وقديم ومُحْدَث وخالق ومخلوق وغني بنفسه وفقير إلى غيره.
وعُلِمَ أيضًا أنهما متفقان في مسمى الوجود والثبوت والشيء والحقيقة وغير ذلك ويمتاز كلٌّ منهما عن الآخر بخصائصه.
وليس اتفاقهما في ذلك بمعنى أن في الخارج عن العلم والذهن معنًى واحدًا يشتركان فيه بل كل ما في الخارج من الموجودات فهو مختص بما هو موجود في الخارج فصفات كل موصوف قائمة به لا يَشْركه فيها غيره ولكن يتفقان في معنًى عامّ كلّي لا يوجد مطلقًا كلِّيًّا إلا في الذهن والكُلِّي ر يكون كليًّا إلا في الأذهان لا في الأعيان.
ولكنَّ طائفةً من النُّظار غَلِطوا في هذا الموضع فظنوا أنه إذا قيل هذان يتفقان في مسمى الوجود ففي الخارج وجود هو بعينه ثابتٌ لكل منهما وظنوا أن من قال ذلك فإنه يقول وجود الشيء زائد على ماهيته التي هي حقيقته وأن من قال إن لفظ الوجود والشيء والثابت يُقال