فإن أفضل الخلق وأكرمهم على الله محمد صلى الله عليه وسلم لا يعرف أمَّتَه يوم القيامة إلا بالسِّيما الظاهرة كما في الحديث الصحيح لمَّا قيل له كيف تعرف من لم يأتِ بَعْدُ من أُمتك قال أرأيتم لو كان لرجل خيلٌ مُحَجَّلة في خيل دُهْمٍ بُهْمٍ ألا يعرفُ خيلَه قالوا بلى يا رسول الله قال فإنكم تأتونَ يومَ القيامةِ غُرًّا مُحَجَّلين مِنْ آثارِ الوضوء.
وقد قال الله تعالى له مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ [غافر 78] وكل نبيٍّ وليٌّ لله فإذا كان أعلم الخلق وأعلاهم قدرًا لا يعلم كلَّ نبيٍّ لله فكيفَ يعلمُ غيرُه كلَّ وليٍّ لله وقد قال تعالى وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ [التوبة 101] والمنافقون كانوا يُظهرون الإسلام فإذا كان لا يميِّز فيمن يشاهده مَنْ هو مُؤمن ومَن هو منافق فكيف والعلم بالإيمان العام أيسر من العلم بالولاية الخاصة فكيف يعلم كلَّ من كان ويكون إلى يوم القيامة من أولياء الله وقد قال تعالى وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [محمد 30] فالمعرفة الأُولى بالسِّيما موقوفة على المشيئة والثانية بلَحْنِ القول واقعة وهذا إنما يكون فيمن سَمِع كلامَه.
وقد كان أبو بكر وعمر وهما أفضل هذه الأمة بعد نبيها لا يعلمان كثيرًا من المؤمنين في حياتهما فكيف يعلم مَنْ بعدهما كلَّ من كان ويكون من الأولياء؟!