فهكذا الأولياء منهم من يكون على الطريقة الأولى فتكون المباحات في حق غيره عبادات له يتقرب بها إلى الله لا يفعلها إلا بأمره ومنهم من يفعل المباحات متنعِّمًا بها غير آثم بها ولا مُعاقَب عليها فهذا تقسيم صحيح معروف بالقلوب معلوم بالكتاب والسنة.
وأما قول القائل عليك بمعرفة طريق العامة وهو طريق الترقِّي من منزل إلى منزل وأن طريق الخاصة منه إليه فهذا يشير إلى الحلول والاتحاد كما سنبينه إن شاء الله وما ثَمَّ طريقٌ لخاصة ولا عامة إلا وفيها ترقٍّ من منزل إلى منزل كما قال أعلم الخلق بالله وبطريق الله فيما يروي عن الله ما تَقَرَّبَ إليَّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافل حتى أحبه والتقرُّب هو الترقِّي فما في أولياء الله إلا مترقٍ متقرب إليه إما بالفرائض وإما بالنوافل بعد الفرائض ومن لم يتقرب إليه لا بفريضة ولا نافلة فليس من أولياء الله بل من أعدائه فضلاً عن أن يكون من خواص الأولياء!
وأما قوله فأول منزل يطؤه المحبُّ للترقِّي منه إلى العَلي فهو النفس فالكلام هنا في نوعين:
أحدهما أن يقال كثير من المصنفين والمتكلمين في منازل السائرين إلى الله ومنهاج القاصدين إليه وطريق السالكين إليه يذكر كلٌّ منهم عددَ المنازل وترتيبَها بحسب سَيْرِه هو أو ما عَلِمَه هو من