وهذا الحالف بالنذر قَصْدُهُ قَصْدُ الحالفِ لا قَصْدُ الناذر، فتجزئه كفارة يمين كما تجزئ سائر الحالفين إذا حنث فلم يفعل ما التزمه من الجزاء، وأما إذا فَعَلَ ما التزمه من الجزاء فلم يحنث فلا كفارة عليه، بل فَعَلَ ما التزمه وَإِنْ كان لم يلتزمه لله بل نذره ليحلف به لا ليتقرب به إلى الله، كما لو قَصَدَ بالنذر اليمين مثل أَنْ يقول: لله عليَّ أَنْ أَقتلَ فلانًا ونحو ذلك، فإنَّ هذا ناذر حالفٌ فعليه كفارة يمين.
ففي الجملة؛ الاحتجاج بهذا الحديث على مسألة نذر اللجاج والغضب لا يمكن مع القول بتخصيص أَنَّ الحديث لم يُرَدْ به إلا هذه المسألة، ولا يمكن الاحتجاج به عليها مع دلالتها على غيرها إلا بمقدمة أخرى لا بمجرد ظاهر الحديث.
وأما قول هذا المعترض أن جمهور الأصحاب حملوا هذا الحديث على نذر اللجاج، ولا دليل لهم على الكفارة فيه غيره؛ فليس الأمر كذلك، بل قد احتجوا بحجج بما ذكروه عن الصحابة - رضي الله عنهم - مع الحديث.
فاحتج أبو حامد الإسفراييني ومن وافقه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كفارة النذر كفارة يمين" (?). قال أبو حامد (?): (ولم يفرق بين نذر ونذر، فهو على عمومه)؛ فاحتج بعموم الحديث، لم يخصه بنذر اللجاج والغضب.
قال: (ولأنه إجماع روي عن ستةٍ من الصحابة ذكرناهم، فأما الأربعة