وأنا أعذر المعترض وأمثاله في كثيرٍ مما يقولونه، لأنَّ مَنْ هو أكبر منهم غَلِطَ في مواضع، وهم زادوا في الغلط؛ فتضاعف الغلط وضعفت معرفتهم بالكتاب والسنة ومعاني أقوال الصحابة ومن اتبعهم.
وهو وإنْ كان قد غلط في هذه المواضع فقد أصاب وأحسن في قوله: (على أَنَّ هذا القول بالتحرير الذي يقوله المتأخرون -وهو: أَنَّ الواجب الكفارة عينًا بحيث لو أتى بالذي التزمه لا يكفي- لسْتُ أعرف الآن دليلًا عليه، لا من خبرٍ ولا من نظرٍ) (?)، فإنَّ هذا القول في غايةِ الضعف، وقد أحسن في تضعيفه، بل هو خلاف الإجماع الذي حكاه الإمام أحمد، مع تحري أحمد في حكاية الإجماع، وَرَدِّهِ على مَنْ يجزم بالإجماع، وَأَمْرِهِ له بأنْ يقول: ما أعلم خلافًا.
ولكنَّ ظَنَّ هذا المعترض أَنَّ حجة المجيب إنما تتوجَّه (?) على تقدير نصرة هذا القول الساقط الشاذ المخالف لإجماع السلف= ظَنٌّ كاذب، بل أنا أُسَلِّمُ خَطَأَ هذا القول وأجزم به، مع الجزم بأنَّ هذه يمين مكفرة، فصار قياسًا.
وسبب الاشتباه في ذلك: أَنَّ التعليق القَسَمي كقوله: إِنْ لم أفرق بينك وبين امرأتك فما لي هدي وكل مملوك لي حر وأنا يومًا يهودية ويومًا نصرانية ونحو ذلك، وقوله: إِنْ فعلت كذا فعليَّ الحج ونحو ذلك= هو إنما يكون حانثًا الحنث الموجب للكفارة إذا وجد الشرط دون الجزاء، فإنَّ كلامه تضمن لزوم الجزاء عند الشرط، فإنْ وُجِدَ الشرطُ والجزاء لم يكن قد