على مالك وأحمد في إحدى الروايتين، وَمَنْ قال إنَّ الحلف بهما لا ينفع فيه استثناء، وأما جمهور السلف الذين فَرَّقُوا بين إيقاعهما والحلف بهما فجوَّزوا الاستثناء في الثاني دون الأول، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وأحد القولين في مذهب مالك؛ فالحديث حجة لهذا القول لا عليه.
فصل
ثم إِنَّ المعترضَ لمَّا ظَنَّ أَنَّ المجيب استدل بذلك على جواز التكفير في الحلف بالطلاق تكلم على ذلك، فقال: (في الاستدلال بها على ذلك نظر من وجهين:
أحدهما: صِدْقُ اسم اليمين على أصل النزاع، وهو التعليق المقتضي حثًّا أو منعًا أو تصديقًا، فإنه إنما يجب شمول الآية لذلك إذا ثبت أَن تسميةَ ذلك يمينا حقيقةٌ لغوية أو شرعية، أما إذا كان ذلك عرفيًّا إما خاصًّا وإما عامًّا، وتسميةُ أهل العرف له يمينا لمشابهة اليمين؛ فلا يلزم اندراجه في الآية) (?).
فيقال له: عن هذا أجوبة:
أحدها: أنه ليس من شرط محل النزاع أَنْ يكون بصيغة التعليق، بل قد يكون بصيغة القَسَم، كقوله: الطلاقُ يلزمني لأفعلنَّ كذا، والعتقُ يلزمني لأفعلنَّ كذا، والحِلّ عليَّ حرامٌ لأفعلنَّ كذا، والحرام يلزمني لأفعلنَّ كذا، وأيمانُ البيعة وأيمان المسلمين تلزمني لأفعلنَّ كذا أو لا فعلتُهُ، وامرأتي طالق لأفعلنَّ كذا، والحجُّ يلزمني لأفعلنَّ كذا، ونحو ذلك مما يكون الكلام