بالطلاق كذلك، وقد صَرَّحَ به من التابعين ومن بعدهم كثير من العلماء في الطلاق والعتق والنذر، وأصحاب هذا القول لهم في الكفارة في الحلف بالطلاق والعتاق والنذر قولان.
الوجه الثاني: أَنْ يقال: قوله: (هم أعذر من المصنف من جهة عِزَّةِ النصوص الدالة على جواز التعليق وتَخَيُّلِ أن الإنشاءات لا تقبل التعليق)، يتضمن أَنَّ من لم ير وقوع الطلاق المعلَّق لِتَخَيُّلِ أنه لا يقبل التعليق وعدم دلالة النصوص عليه= أعذر ممن يُفَرِّق بين التعليق الذي يقصد به الإيقاع والتعليق الذي لا يقصد به الإيقاع.
والذين قالوا لا يقع الطلاق المعلَّق طائفةٌ قليلة كأبي عبد الرحمن وابن حزم وشيوخ الإمامية، وأما المفرق بين تعليق وتعليق، فهذا القول الثابت عن الصحابة -رضي الله عنهم-، وهو قول أكابر التابعين، وجمهور علماء المسلمين من الأولين والآخرين؛ لكن منهم مَنْ طَرَدَ أصله ومنهم من تناقض فاستثنى الحلف بالطلاق والعتاق أو أحدهما، وهؤلاء الذين استثنوا ذلك ليس معهم بهذا الفرق أَثَرٌ مسند عن الصحابة لا صحيح ولا ضعيف، بل قولهم مخالفٌ للقولين المنقولين عن الصحابة؛ فإنَّ عن الصحابة في تعليق النذر والعتق روايتين، والرواية الواحدة مع ضعفها اتفق العلماء بعدهم على خلافها= فوجب أَنْ تكون تلك الرواية الأخرى الثابتة هي الصواب، لا سيما ومعها الكتاب والسنة والقياس الجلي ودلالة الإجماع على أنها الصحيحة، إذ لم يكن للصحابة إلا قولان مع اتفاقهم على التسوية بين التعليق القسمي والإيقاعي، إما في اللزوم وإما في عدم اللزوم.
وأما القول بعدم لزوم الطلاق المعلق مطلقًا فقولٌ لم يُعرف عن أحدٍ