وأما القول الثاني للظاهرية فهو الفرق بين التعليق الذي يقصد به الإيقاع والذي يقصد به اليمين، فهذا القول كالفرق الذي عليه الجمهور في تعليق النذر بين ما يقصد به النذر وما يقصد به اليمين، وهذا القول هو الذي يدل عليه أقوال الصحابة، وعليه يدل الكتاب والسنة والاعتبار، لكن هم لا يوجبون الكفارة في هذه الأيمان كلها لأنها عندهم من الحلف بغير الله تعالى كالأيمان بالمخلوقات.

فقولهم في نفي وقوع الطلاق في غاية القوة، وقولهم في نفي التكفير قول يقول به بعض التابعين الذين يقولون في نذر اللجاج والغضب لا شيء عليه، وهو قول ابن حزم معهم، فليس في أقوالهم التي اعتددنا بخلافهم فيها ما انفردوا به عن غيرهم، ولا ما بنوه على أصولهم الضعيفة التي انفردوا بها.

وكذلك المعتزلة والخوارج والشيعة -قد ذكرنا في غير هذا الموضع اختلاف العلماء من أصحاب أحمد وغيره- هل يعتد بخلافهم؟ على قولين (?)؛ وَبَيَّنَّا أَنَّ كل قول انفرد به طائفة من هؤلاء عن أهل السُنة فإنه لا يكون إلا خطأ، وما وافقهم فيه بعض أهل السنة: فقد يكون قولهم فيه صوابًا؛ وحينئذٍ -فلا ريب- أنه يعتد بأقوالهم التي وافقهم فيها بعض أهل السنة لجواز أَنْ يكون ذلك القول هو الصواب، فإنَّ المقصودَ الأعظم بحكاية أقوال العلماء الاستدلال على القول الصواب منها، ولا يجوز أَنْ يهمل قول يحتمل أنه حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

وعلى هذا؛ فهذه مسائل الحلف بالطلاق وتعليقه قد وافقوا في أقوالهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015