والكفارة لما فوته من التعيين، وأما القادر على ما نذره من الطاعة فلا يختلف قول أحمد وغيره من علماء المسلمين أنَّه يجب عليه فعل المنذور، وليس له أن يتركه إلى الكفارة بخلاف اليمين فله أن يحنث فيها ويكفر إذا لم يكن ما حلف عليه ترك واجب ولا فعل محرم.
والفرق بينهما: أَنَّ الناذر نَذَرَ لله فالتزم شيئًا لله، فعليه أَنْ يفعل ما التزمه لله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" (?)، وذم الذين ينذرون ولا يوفون، كما ذم الله هؤلاء في كتابه بقوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 75 - 77].
وأما اليمين؛ فإنْ قَصَدَ الحالف أَنْ يحض نفسه أو غيره أو يمنعه؛ فهو مريدٌ لمراد نفسه ووكَّد ذلك بالحلف بالله، فهو ملتزم بالله لا ملتزم له، فإن التزم لله بالله صار نادرًا حالفًا كالمذكور في الآية (?).
والمقصود هنا: أن الناذر نذر التبرر ملتزم، وقد لزمه ما التزمه بالنص والإجماع، فلو كانت العلة في إجزاء الكفارة في نذر اللجاج والغضب كونه التزامًا لأجزأ كل ناذر الكفارة، ولم يجب عليه الوفاء بنذره، كالقول الذي حكاه بعض المتأخرين (?) ولا يُعرف به قائل معروف من العلماء.