ومن ذلك: أَنْ يجعل كونُ الكلام تعليقًا هو الوصف الشرعي المؤثِّر في الحكم الشرعي، ويجعل كونه يمينًا وصفًا ملغًا مهدرًا في الشرع، فإذا كان الكلام تعليقًا ويمينًا ألغى كونه يمينًا واعتبر كونه تعليقًا = فهذا ممن لم يُنْتَفَعُ بالكتاب والسنة، كما لم يُنْتَفَعُ بهما مَنْ خالف مدلولهما.
الوجه العاشر: أَنْ يقال له: إذا كان فيهما كفاية؛ فمعلومٌ أنَّه لا ينعقد إجماع إلَّا وفيهما ما يدل على مثل ما انعقد عليه، وإلَّا فلو انعقد إجماع على حكم لا يكون فيهما لم يكن فيهما كفاية.
فإنْ قال: هما دَلَّا على كون الإجماع حجة، والإجماعُ يحتج به على الأحكام.
قيل له: فيحتاج حينئذٍ أَنْ يحَفظ أقوال الصحابة والتابعين وتابعيهم التي بها يُعرف الإجماع والنزاع، فالاكتفاء بالكتاب والسنة مع دعوى الإجماع لا تمكن إلَّا إذا كان ما انعقد عليه الإجماع مما دَلَّا عليه، فتكون دلالتهما موافقًا للإجماع، أو أن يكون أقوال أهل الإجماع والنزاع مما يجب الاعتناء بها ونقلها، وإلَّا فالإعراض عنها مع الاحتجاج بقولهم من غير دلالة الكتاب والسُنة عليها = تناقض؛ كما فعل هذا المعترض حيثُ يَدَّعِي الاكتفاء بهما، ويدَّعِي الاستغناءَ عن نقلِ أقوالِ السلف من الصحابة والتابعين، ثم مع ذلك يحتج بنقل إجماعٍ على حكمٍ لم يدل عليه كتاب ولا سنة، بل الكتاب والسنة والقياس يدل على نقيض ما ادعى من الإجماع، ومع أنَّه لا إجماع فيه، لكن القول المخالف للكتاب والسنة جاء من عند غير الله، فيوجد فيه اختلافٌ كثيرٌ؛ كقول المعترض وأمثاله في مسائل الأيمان والتعليقات تعليق الطلاق والنكاح وغير ذلك، ففيها من التناقض والاضطراب ما يطول بوصفه الكتاب؛ والله أعلم.