- الوجه الثاني: أن دعواه الإجماع مقابلة بما هو أظهر منه من دعوى الإجماع على نقيضه

وقد تبين أَنَّ الأمر بخلاف ذلك، وأَنَّ جماعةً من أئمة الصحابة والتابعين يقولون بأنَّ العتق المحلوفَ به فيه كفارة -كما تقدم غير مرة-، بل القائلون من الصحابة والتابعين بأنَّ فيه كفارة يمين أكبرُ وأجلُّ من القائلين بلزوم العتق.

الثاني: أَنَّ دعوى الإجماع في ذلك مقابَلٌ بما هو أظهر منه من دعوى الإجماع على نقيضه، وذلك أَنَّ القول بالتكفير هو القول الثابت عن الصحابة -رضي الله عنهم-، ونقيضه ضعيف، والرواية المخالفة لهذه متروكة بإجماع العلماء.

فالصحابة -رضوان الله عليهم- روي عنهم في الحلف بالعتق والنذر روايتان؛ رواية التكفير -كما في حديث ليلى بنت العجماء-، وروايةُ التزام النذر -كما في حديث عثمان بن حاضر-، وهذه الرواية متروكة باتفاق العلماء، فإنَّ فيها أَنَّ الحلف (?) بالمال يجزئ فيه الزكاة، وَأَنَّ الحلف بالذبح يجب فيه بدنة، مع قولهم: إنَّ العبد يعتق، ولم يقل أحد من العلماء بهذه الثلاثة.

وإذا كانت هذه الرواية مع ضعفها متروكة بالإجماع، فقد أجمع التابعون وَمَنْ بعدهم على ترك أحد قولي الصحابة، فإنْ كان إجماع التابعين بعد تنازع الصحابة يرفع النزاع، فقد أجمع التابعون على بطلان القول بهذه الرواية، ولم يَبْقَ عن الصحابة إلا الرواية الأولى، والصحابة لم يقولوا إلا هذا أو هذا، وفي كليهما (?) سَوَّوا بين العتق والنذر، فَمَنْ فَرَّقَ بينهما، أو قال بلزوم العتق والنذر كما قَدَّرَه = فقد خالف إجماعهم، لم يقل بقولهم هذا ولا بقولهم هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015