والثاني: يرتفع؛ وهو قول كثيرٍ من المعتزلة، وأصحاب أبي حنيفة، وبعض أصحاب الشافعي، وهو اختيار أبي الخطاب وغيره (?).
وأصلُ هذه المسألة: أَنَّ قولَ الميت هل يُعْتَدُّ بِهِ أم لا؟
فيقال: إِنْ كانت الأقوال تموت بموت قائلها، ولا يعتد إلا بأقوال الأحياء = لم يجز تقليد أحد من الأئمة الأربعة ولا غيرهم، وبطل اعتمادُ مِثْلِ هذا المعترض وأمثالِهِ على ما ينقلونه من المذاهب المتبوعة.
وإذا لم يجز تقليدهم لم يَبْقَ إلا تقليدُ مَنْ كان مجتهدًا في أهل العصر، ولم يعتد إلا بخلافه لا بخلاف الأربعة وغيرهم.
وحينئذٍ؛ فالمنازعون في هذه المسألة عامتهم مقلدون، لا يعرفون ما فيها من الأدلة الشرعية ومذاهب العلماء، والذين انتدبوا للمعارضة فيها -قبل المعترض وأمثاله- لا يَعرفون ما فيها من الأقوال والأدلة، فلا يُعْتَدُّ بقولهم فيها= فوجب عليهم السكوت عن الكلام فيها، لأنَّ الكلام إما بتقليد -والتقدير: أَنَّ تقليد الموتى لا يجوز-، وإما بالاستدلال والاجتهاد فلا بُدَّ معه من معرفة الأقوال من الطرفين وما فيها من الأدلة، وإلا كان كلامًا بلا علم، ولم يوجد ذلك (?).