وأحمد في إحدى الروايتين يقول فيمن قال: عبد فلانٍ حرٌّ لأفعلنَّ ولم يفعل: تلزمه كفارة يمين، ولا يقول فيمن قال: امرأةُ فلانٍ طالق إن لم أفعل ولم يفعل أنه تلزمه كفارة يمين، لأنَّ طلاق امرأة الأجنبي لا يقع إلا من زوجها أو وليِّه أو وكيله، بخلاف عتق عبده، فإنه يقع من غيره إذا انتقل إليه، فكان عتقُ عبد الغيرِ ممكنًا بخلاف طلاق امرأته.
ولهذا؛ إذا قال: والله لأعتقنه، كان قد حلف على ممكن فتلزمه الكفارة إذا لم يفعل.
وأما إذا قال: والله لأطلقنَّ امرأةَ فلانٍ، وَغَرَضهُ أني أُوْقِعُ بها الطلاق بلا ولاية ولا وكالة، فهذا حلف على ممتنع، كما لو قال: والله لأجعلنَّ فلانًا الحر المسلم لي مملوكًا، وإِنْ قَصَدَ أني أتسبب في طلاقها أو ألزِمُهُ بطلاقها، فهذا حَلِفٌ على ممكن كما لو عَنَى بكونِهِ مملوكًا استخدامه، أو عَنَى به ملكًا محرمًا مخالفًا للشريعة، وهذا كما لو عَنَى بقوله لأطلقنها (?) لأخرجنها مِنْ ملكه بغير اختياره حكمًا جاهليًّا لا إسلاميًّا؛ كما يقول: والله لأسرقنَّ أولادَ المسلمين أو لأسبينَّهم، ومراده القهر والاستيلاء؛ فهذه يمين منعقدة، وعليه أَنْ يُكفِّر يمينه، ولا يفعل ما حلف عليه من معصية الله -تعالى-.
وإذا أراد الملك الشرعي والطلاق الشرعي؛ فهذا مع امتناعه، كما لو حَلَفَ على ممتنعٍ ليفعلنَّه، وفي لزوم الكفارة لهذا قولان في مذهب أحمد وغيره، كما لو قال: لأصعدنَّ إلى السماء، أو لأشربنَّ الماء الذي في هذا الإناء ولا ماء فيه.
* * *