وإذا قال: إِنْ فعلتُ كذا فعليَّ أَنْ أطلقها إنما يجب إذا قصد اليمين أو النذور فإنَّ الناذر إذا قال: فعليَّ أَنْ أطلقها كان بمنزلة قوله: والله لأطلقنها، وهذا يمين. كما لو قال ابتداءً: لله عليَّ أَنْ أُطلقها وقصده اليمين، فإنهم يوجبون عليه الكفارة، ولا يشترط في نذر اليمين أن يكون قربة، لكن يقال: لا يكون بمنزلة قوله: فوالله لأطلقنها إلا إذا كان قصده بقوله: فلله عليَّ أَنْ أُطَلِّقَهَا؛ حَضَّ نفسِهِ على الطلاق لا التقرب به، كما إذا قال: إِنْ فعلتُ كذا فلله عليَّ أَنْ أَدْخُلَ في هذه المدينة، وإِنْ فعلَ زيدٌ كذا فلله عليَّ أَنْ أقتله؛ ومراده حَضَّ نفسه، ليس مراده أنه التزم لله شيئًا، وإِنْ كان كارهًا للزومه له.
وبهذا الفرقان؛ تظهرُ حقيقة هذا الموضع المشكل، فإنه إذا قال: لله عليَّ أَنْ أفعل قد يقصد بذلك حَضَّ نفسه فقط لا التقرب إلى الله؛ فهذا حالفٌ عليه كفارة يمين في مذهب أحمد وأبي حنيفة، وكذلك ذكره الخراسانيون من أصحاب الشافعي كالقاضي حسين.
فإذا عَلَّقَ ذلك بشرطٍ كانت يمينًا معلَّقة بشرط، كما إذا قال: إِنْ سافرتُ معكم فلله عليَّ ألا أسافر بعدها، وإِنْ كلمتُ فلانًا فلله عليَّ ألا أكلمه أبدًا، وإذا فعلتُ كذا فلله عليَّ أَنْ أُطَلِّقَ امرأتي؛ فهذه يمين مكفَّرة، سواء كانت مطلقة أو معلقة.
وأما إذا نذر ذلك معتقدًا أنه قربة مثل أَنْ يظن أَنَّ التبتل أفضل من التزوج، وَأَنَّ الله يحب طلاق امرأته، فيقول: لله عليَّ أَنْ أطلقها يقصد التقرب بذلك إلى الله؛ فهذا عند أحمد عليه كفاوة يمين أيضًا، وعلى قول أصحاب أبي حنيفة والشافعي إِنَّ نَذْرَ المباحِ إذا لم يقصد به اليمين لا شيء عليه