وعدم النزاع، فإنَّ نقلَ النزاع هو نقل عن عالم قال قولًا في مسألة يمكن معرفته؛ إما بسماعه منه وإما بإسناد ثابت عنه؛ وأما نقل الإجماع وعدم النزاع فلا يكون علمًا إلا مع العلم بعدم النزاع؛ وهذا إِنْ كان ممكنًا فهو متعسر، وإِنْ كان غير ممكن فمتعذر؛ فالأول أيسر منه، وما كان أيسر كان العلم به أيسر.
ولهذا يقبل من نقل النزاع ما يقبل من رواية العدل، فإذا روي العدل الضابط عن بعض العلماء قولًا يقبل منه كما يقبل إخبار أمثاله من العدول الضابطين، وأما نقل الإجماع وعدم النزاع فلا ينتهض به إلا الأفراد من العلماء المطلعين.
ومع هذا؛ فالغلط فيه كثير جدًّا، حتى إني لا أعرف أحدًا ينقل الإجماعات إلا وقد وجد فيما ينقله من الإجماعات ما فيه نزاع لم يطلع عليه (?).
وأيضًا؛ فالغلط فيه كبير جدًّا بخلاف مَنْ ينقل الأقوال عن قائل معيَّن يثبت به النزاع، فإنَّ من الحفاظ مَنْ لم يُعرف له غلط كالزهري والثوري وغيرهما، ومنهم مَنْ يَندر غلطه كشعبة وزائدة وقتادة وزهير وغيرهم، وهؤلاء وأمثالهم أحفظ الأئمة للمنقولات من أقوال العلماء وغيرهم، وهم وغيرهم كابن جريج ومالك بن أنس وحماد بن زيد وحماد بن سلمة