[و] (?) المكروه، وإنما ذكر أَنَّ الأصل في الطلاق -وهو: الطلاق لغير حاجة- المنع؛ إما منع تحريم وإما منع كراهة، وهذا مذهب جمهور علماء المسلمين؛ كأحمد بن حنبل وأصحابه، وأبي حنيفة وأصحابه فإنهم يكرهون الطلاق لغير حاجة؛ إما كراهة تحريم وإما كراهة تنزيه، وأصحاب أحمد يذكرون عنه في ذلك روايتين حتى في المصنفات الصغار.

وجمهور العلماء الذين ينهون عنه لغمر حاجة يَبنون أَنَّ الأصل فيه: أَنْ يكون ممنوعًا منه؛ لما فيه من المفاسد المقتضية للمنع منه، لكن قد يحتاج إليه أحيانًا فيرخَّص فيه للحاجة، ولهذا قُصِرَ على ثلاث مرات، وحرمت المرأة على زوجها بعد التطليقه الثالثة حتى تنكح زوجًا غيره، ليكون ذلك زاجرًا للمطلِّقِ أَنْ يطَلِّقَ إذا علم أنها تحرم عليه حتى تنكح زوجًا غيره، وكان هذا الشرع أكمل وأيسرُ من شرع النصاري الذين يطمنعون الطلاق بالكلية، فيلزمون كلًّا من الزوجين بالمقام مع الآخر، ويمنعون الرجل من استبدال زوجٍ مكان زوج، كما يمنعونه من التزوج بأكثر من واحدة ومن التسري.

واليهود -أيضًا- يمنعونه من التَّسَرِّي، ومن أَنْ يتزوج بها إذا طلقها فتزوجت غيره؛ فإذا تزوجت غيره لم تحل للأول بحال = فكان الشرع الذي بعث الله -تعالى- به خاتم الرسل - صلى الله عليه وسلم - أكمل الشرائع وأحسنها وأصلحها وأيسرها (?).

وأما كون الطلاق مباحًا مستوي الطرفين بمنزلة بيع المال = مما يظهر بطلانه، وقد عُلِمَ أَنَّ ما كان فيه سببٌ يوجب تحريمه فرخَّص فيه في قدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015