فقد تبين أنه إِنْ كان القياس صحيحًا؛ فإنه يلزم من فتواهم بعدم وقوع العتق المحلوف به، وإيجاب الكفارة في ذلك، وجعل ذلك يمينًا، وجعل تعليق العتق غير لازم إذا قصد اليمين = أن يكون الطلاق المعلَّق إذا قصد به اليمين أولى ألا يكون لازمًا، وهذا لا ينازع فيه إلا معاند قوي العناد أو جاهل قوي الجهل.

وإلا فقول القائل: العتق المحلوف به لا يلزم، بل فيه كفارة يمين لأنه (?) يمين مكفرة، وليس هذا التعليق الذي قصد به اليمين لازمًا مع القول بأن تعليق الطلاق الذي قصد به اليمين لازم = في غاية التناقض والفساد الذي يصان عنه مَنْ هو دون الصحابة؛ ومَنْ نَسَبَ ذلك فقهاء الصحابة فقد أسرف في نسبتهم إلي الغباوة وقلة الفقه.

وأبو ثور -رحمه الله تعالى- لم يقل ذلك لدليل شرعي من كتاب أو سنة ولا قياس صحيح، ولا لمعنًى اختص به الطلاق عنده، ولا لكون العتق يُشترط فيه قصد التقرب -كما ذكره هذا المعترض- بل لظنِّهِ أَنَّ الطلاق محل وفاق، فجعله موضع استحسان مخالفًا للأصول والقياس.

كما يفعل مثل ذلك مَنْ يقول بجواز تخصيص المعاني والعلل العامة بمجرد دليل، والدليل المخصِّصُ عنده هو ظنه الإجماع، وهذا الظن منتفٍ في الصحابة الذين هم أولُ مَنْ تكلَّم في هذا الباب، فلم يكن قبلهم إجماع يتبعونه، ولا عندهم ظن إجماع يهابونه؛ بل لم يتكلم أحد قبلهم في الحلف بالطلاق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015