قيل: النزاع مع طائفتين: مع من يقول: الطلاق المعلق بالصفة لا يقع بحال، ومع من يُفَرِّقُ بين من يقصد اليمين ومن يقصد الإيقاع، ولهذا نَصَبَ المعترض النزاع مع الطائفتين؛ فإنْ لم يُقِم الحجة على الطائفتين = لم تثبت له حجة، ولم يتم ذلك إلا بالجواب عن معارضة الطائفتين، والجواب عن المعارضة إنما يتم بالفرق بين ما جعلوه يقبل التعليق وما جعلوه لا يقبل التعليق، وإلا فالقائل بأنَّ الطلاق لا يقبل التعليق قاسه على ما سلموه له من النكاح والإبراء وغيرهما.
وإن كان المناظر من مثبتة القياس استدل عليه بالقياس مع الظواهر.
ومعلومٌ -حينئذٍ- أَنَّ العتق المحلوف به إذا لم يكن لازمًا فالطلاق أولي، وذلك لأنَّ العتق يلزم بالنذر كما تلزم سائر القرب بالنذر، بخلاف الطلاق الذي ليس بطاعة، فإنه لا يلزم بالنذر.
والعتق يجوز تعليقه بلا نزاع ذكره أحد، وكذلك النذر يجوز تعليقه بالنص والإجماع، والطلاق في تعليقه نزاع.
والعتق طاعةٌ وقربةٌ بخلاف الطلاق.
ثم إذا كان قَصْدُ اليمين يمنع لزوم العتق فَلَأَن يمنع لزوم الطلاق بطريق الأولى، وهذا قياس بَيِّنٌ أنه من أبين قياس الأولى، فإنه ما من وصفٍ يقتضي وقوع الطلاق المعلق إلا وهو يقتضي وقوع العتق المعلَّق بطريق الأولى، فإذا كان العتق المعلق على وجه اليمين لا يلزم فالطلاق أولي، وما يذكر وصفٌ يمنع وقوع العتق إلا ذُكِرَ من جنسه ما هو أبلغ في منع وقوع الطلاق.