وهذا عنده فيه كفارة يمين.

وأيضًا؛ فمذهب طاووس إذا قال: إن فعلت كذا فقطع الله يدي أو أهلكني ونحو ذلك= أنها يمين مكفرة، فيجعل التعليق الذي جزاؤه دعاء الله على نفسه يمينًا مكفرة، والتعليق القسمي الذي جزاؤه عتق عبده يمين مكفرة، والتعليق القسمي الذي جزاؤه نذر يلزمه؛ وهذا كله يدل على أَنَّ مذهبه في التعليق القسمي أن فيه كفارة يمين، فإنَّ تعليقه للطلاق والظهار والحرام أعظم من تعليقه لدعاء الله بقطع يديه، فإذا كان هذا عنده يمينًا مكفرة فذاك بطريق الأولى.

ومعلومٌ أنه لو قال ابتداءً: قطع الله يديه= لم يلزمه به شيء إلا التوبة، لكن لما عَلَّقَهُ بقصدِ اليمين عَلَّقَ بالشرط من الجزاء ما يكره لزومه إياه، فصار حالفًا، وهو لا يريد وقوع ما دعا الله به فصار منتهكًا لحرمة دعاء الله، حيث دعا الله -أي: عند وجود الشرط، ثم وُجِدَ الشرط- وهو لا يريد ذلك الدعاء= فعلق بالشرط نذرًا لله، ثم وجد الشرط وهو لا يريده، وهذا الدعاء هو من نوع اليمين، لكن الأكثرون يقولون: لم يلتزم هتك حرمة أيمانه فإنه لم يلتزم لله ولا بالله شيئًا، وإنما دعا الله على نفسه بشيءٍ، وطاووس يقول: بل طَلَبَ فِعْلَ الله به، ودعاءُ الله تعظيمٌ له، فإذا دعاه بتقدير الشرط، ثم أراد أَنْ يكون الشرطَ دون ما دعاه= جعل دعاءه له لغوًا، وفي هذا انتهاك لحرمةِ دعائِهِ لله، وهو انتهاك لحرمة أَيمانه، كما لو جعل اللازم إيجابًا لله -تعالى- وتحريمًا لله، والأكثرون يقولون: هذا الدعاء لو انفرد عن التعليق ولم يقصده لم يكن منتهكًا لحرمة الأيمان.

قال تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالهُمْ بِالْخَيرِ لَقُضِيَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015