ابن تيمية رَحِمَهُ الله عقدتُ العزمَ على العنايةِ به، ثم حاولتُ الحصولَ على نسخٍ أخرى للكتاب تتميمًا للنقص الحاصل في أوله، والخلل الموجود في وسطه، وإعانةً على قراءة ما يُشكلُ منه، فبدأت مرحلة البحث عن الجزء المفقود وعن نسخةٍ أخرى من الكتاب استمرت بضعة أشهر إلا أني لم أصل إلى نتيجةٍ مع بذلي ما في وسعي، ولعل ذلك يتيسَّر لي أو لغيري فيما بعد.
وهذا الكتاب الذي بين يديك -أيها القارئ الكريم- يعتبر من أطول ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ الله في مسألة تعليق الطلاق؛ فآراؤه وحججه التي بَنَى عليها قولَهُ وردوده على أدلة مخالفيه= مبسوطة في هذا الرد، بينما وردت في فتاويه ورسائله الأخرى مختصرة.
وتأتي أهمية هذا الكتاب -أيضًا- في كونه جوابًا عن اعتراضِ فقيهٍ من كبار فقهاء الشافعية في زمانه، بل قد بلغَ رُتبةَ الاجتهاد (?)، وهذا الاعتراض يُعتبر من أقوى ما كُتِبَ في الردِّ على فتوى ابن تيمية في هذه المسألة، حتَّى وَصَفَ ابن تيمية ردَّه هذا مقارنة بردود غيره بقوله (?): (. . . كما ادَّعى هذا المعترض -أي: السبكي- الذي بَرَّزَ على أقرانه، وظهر فضلُهُ عليهم في فِعْلِهِ ما يَعجزون عن فِعْلِهِ)، وقال في موضعٍ آخر (?): (وما سلكه من (التحقيق في التعليق) -كما سمَّى بذلك مصنفه- ودقق فيه من المعاني، وذكر فيه من الآثار، وأتى فيه من النقل والبحث بما برَّز به على غيره) (?).