لعل الناس اختلفوا (?).
وأبو ثور كان قرين أحمد -رحمة الله عليهما- وبلده بغداد، وكانت أكثر بلاد الإسلام علمًا في ذلك الزمان، وهوكان أشهر أهل ذلك العصر بالاجتهاد والإفتاء بعد أحمد، وكان أحمد كثيرًا ما يُسأل عما يقول، ولهذا كان هو أول من ذكره أبو إسحاق في طبقات الفقهاء المجتهدين بعد أحمد بن حنبل، وذكر بعده: ابن جرير الطبري وداود بن علي الأصبهاني (?).
وكان أحمد يثني عليه تارة حتى يقول: (هو عندي في مِسلَاخ الثوري) (?)، وإذا بلغه عنه أقوال مخالفة للسنة وأقوال الصحابة كإباحته ذبائح المجوس وغير ذلك، يتكلم فيه بكلام غليظ (?).
ومع هذا؛ فأبو ثور لم يَدَّعِ عَدَمَ العلم بالنزاع إلا في نفي الكفارة لا في وقوع الطلاق، ولو قُدِّرَ أَنَّ الأمة لم يقل فيها أحد بالكفارة لم يلزم اتفاقهم على وقوع الطلاق، فإنه قد كان في زمن أبي ثور، وقبل أَنْ تصنف الكتب منهم مَنْ يقول: الطلاق المعلَّق بالصفة لا يقع؛ ومنهم مَنْ يُفَرِّق بين التعليق الذي يُقصد به اليمين وبين التعليق الذي يُقصد به الإيقاع، فيوقع الثاني دون المحلوف به؛ وكان منهم مَنْ يَرَى أَنَّ التعليق الذي يُقصد به اليمين كتعليق