إخراجها؛ فدخلت النيابة فيما هو حق للعباد دون ما هو حق لله -تعالى-، فالشارع عليم حكيم رحيم يوجب العبادات بحسب طاقة العباد، وأما الناذر فهو الموجِب على نفسه، وقد نُهِيَ عن النذر، لكن قد يوجب على نفسه ما يعجز عنه؛ فمن رحمة الشارع به أنه جَوَّزَ له أن يأتي ببدل النذر إذا عجز عن المنذور، وإقامة غيره مقامه إذا فات (?)، وحيث عجز عن الأصل والبدل جُوِّزَ له أن يكفر كفارة يمين.
ولهذا كان ظاهر مذهب أحمد أَنَّ ما حَلَفَ عليه الإنسان وعَجَزَ عنه يكفر كفارة يمين، كما يكفر ما عجز عنه من المنذور بكفارة يمين، فإنَّ اليمين سبب للإيجاب، فلا بدَّ من فعل المحلوف عليه أو الكفارة، كما في النذر، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كفارة النذر كفارة يمين" (?).
ولهذا كان مذهب أحمد أن إيجاب العبد على نفسه لا يخلو عن فعل الواجب أو بدله أو كفارة يمين، وكذلك تحريمه على نفسه فيه الكفارة، بخلاف إيجاب الشارع, فإنه لا يوجب إلا ما يقدر العبد عليه، فما محجز عنه سقط بغير كفارة، كما يسقط عنه واجبات الصلاة التي يعجز عنها، وكذلك ما له بدل إذا عجز عن الأصل؛ وهذه المسائل لبسطها موضع آخر.
والمقصود: أَنَّ الوجوب في الذمة أوسع وأيسر في الشرع، وشروطه أقل، وموانعه أقل، والوقوع أكثر شروطًا وأكثر موانع، ومع هذا فالتعليق الذي يُقصد به اليمين يمنع الوجوب في الذمة، فإذا كان مانعًا من ثبوت الوجوب واللزوم في الذمة = فَلَأَنْ يكون مانعًا من ثبوت الوقوع واللزوم في