والجواب (?): أَنَّ ما ذكره من الفرق الصوري بين النذر وبين تعليق العتق والطلاق، وهو أن النذر لا بُدَّ أَنْ يتضمن التزامَ فعلٍ يُنشئه، فيكون مضمون النذر: إيجابُ فِعلٍ يفعل لله -تعالى- وإن كان في عينٍ معينة، فإذا قال: لله عليَّ أَن أعتق هذا العبد، أو قال: هذه الشاة هدي أو أضحية، أو قال: إِنْ شَفى الله مريضي فثلث مالي صدقة ونحو ذلك = ففي جميع هذه المواضع: عليه أَنْ يفعل فعلًا، فيعتق العبد، ويذبح الأضحية والهدي، بل ويفرق لحم ذلك، ويقسم الصدقة بين الفقراء.
وهذا الفعل الواجب بالنذر هو متمكن من فعله وتركه، بخلاف العتق والطلاق المعلق، فإنه وقوع مجرد؛ فإذا عُلِّقَ وَقَعَ عند الصفة بغير فعل منه، والوقوع لا يوجب عليه فعلًا يفعله، وإنما يوجب عليه ترك ما كان مباحًا له قبل العتق والطلاق من الاستمتاع والحبس وما يتبع الملك، فإذا زال ملكه حرم عليه ما يحرم على غير المالك من غير أن حب عليه فعلٌ في الذمة ينشئه.
فيقال له: أولًا: الجواب من وجوه: منع لزوم ما ذكره من النذر، ومنع انتفائه مطلقًا في العتق والطلاق، ثم بيانُ عدم تأثيره، ثم بيان أن هذا يوجب عدم الطلاق والعتق المحلوف به بطريق الأولى.
الوجه الأول: أَنْ يقال. ليس مِنْ شَرْطِ كُلِّ نذر أن يلزمه فعل يفعله بعد النذر، بل قد لا يوجب المنذور عليه إلا مجرد الكف والإمساك، فلو قال: إِنْ شفى الله مريضي فداري وقف على الفقراء والمساكين = صارت وقفًا بوجود