لأنها عندهم يمين مكفرة وإِنْ تعلق بها حق آدمي، وهي مع هذا عندهم يمين مكفرة.
وقول المفرِّق: إِنَّ العتق والطلاق فيه حق لآدمي فلا يَرتفع بالكفارة؛ بناه على أصله في أنه وقع فلا يرتفع بالكفارة، وهذا كقول مَنْ يُلزم بالوفاء في نذر اللجاج والغضب، ويقول: قد وجب في ذمته فلا يرتفع بالكفارة، وإلا فمن يقول: إنه لم يحنث لا يُسَلِّم أن العتق والطلاق وقع، وكذلك مَنْ يقول بإجزاء الكفارة لا يقول: إنه وقع واحد منهما، ولو وقع لم يرتفع بعد وقوعه، بل ما قَصَدَ به اليمين لم يقصد به الإيقاع فلا يقع، بل تجزئه كفارة يمين، وإن أوقعه لم يكن عليه شيء غير ذلك.
وكذلك مَنْ لا يُحَنِّث الناسي والجاهل يقول: وجود فعلهما وعدمه (?) لم يأتيا بالمخالفة.
وأيضًا؛ فالناسي والجاهل إنما عُذِرَ في اليمين المكفرة لأنه لم يقصد المخالفة، فصار كمن فعل المنهي عنه ناسيًا، وهذا المعنى موجود في جميع الأيمان.
ولكن أحمد -على قوله بلزوم ذلك- قطع شَبَهَ ذلك بالأيمان وجعله إيقاعًا، كما منع من الاستثناء في ذلك في إحدى الروايتين عنه، وكما جعل الحلف بهما ليس بإيلاء؛ وقد تقدم أَنَّ أحمد تارة كان يجعل الحلف بهما من باب الإيقاع لا اليمين، وتارة يجعله من باب اليمين.